بين أوساط مجتمع المثليين جنسيًا في مصر
ينتشر همسًا وصف (مِأَدِزْ) على الشخص الذي يشاع عنه أنه حامل لفيروس HIV –
اشتقاقًا من الإيدز – ولسنا الآن بصدد تقييم اللفظ بما فيه من وصم أو
تحقير بقدر ما نذكره كما هو شائع في المجتمع، وبحكم ما نراه بواقعنا فمعظم
وغالبية حالات الإصابة المكتشفة عادة ما تكون الصدفة هي التي قادت أصحابها
بمعرفة خبر إصابتهم بالفيروس، بل وعادة في ماضيهم لطالما تصوروا بأنهم أبعد
ما يكونوا عن خطر الإصابة به، لهذا كان لزامًا علينا تكرار نداء الحَيطة
والحذر.
– الوعي المُزيف
رُغم
زعم الكثير من الشباب بأن لديهم الخبرة الصحية الكافية تجاه الأمراض
المنقولة جنسيًا وأساليب الوقاية منها إلا أن الواقع الفعلي يصدمنا بأن هذا
الوعى المُدَعَى يشوبه جانبًا من المغالاة وآخرًا من اللامبالاة.
فرُغم
كل الجهود المبذولة للجمعيات الأهلية المهتمة بالتوعية الصحية الجنسية
لإقناع الشباب بضرورة وأهمية ارتداء الواقي الذكري قبل الشروع في الممارسات
الجنسية، بصفته خط الدفاع الأول والموثوق تجاه الأمراض المنقولة جنسيًا،
إلا أن البعض يتذرع بأنه:
– يقلل الإحساس باللذة!
– أو بأن مرة واحدة من عدم ارتداؤه لن تكون بتلك الخطورة!
– أو أن الشريك الجنسي نظيف ولا يبدو عليه –ظاهريًا- أنه حامل لأي عدوى جنسية!
– أو أن الواقي الذكري تمزق عن دون قصد فلا بأس من استكمال العلاقة الحميمة بدونه!
– أو أن يقول لك أحدهم: سيبها على الله، الأمراض دي قضاء الله وقدره!
– أو أن يحتد مدافعًا بالقول أن العلاقة بيني وبين شريكي الجنسي (حصرية)، وقد وعدني بألا يمارس الجنس مع شخص آخر!
ولكن ما خَبرناه من الواقع هو أن كثيرًا من تلك العَلاقات (الحصرية) عند انكسارها ووصولها لخط النهاية فعادة ما يكون سبب الانفصال هو اكتشاف أحد الشريكين – صدفةً – خيانة الآخر له، وعِلمَهُ مؤخرًا بتلك الخيانة!
– أو بأن مرة واحدة من عدم ارتداؤه لن تكون بتلك الخطورة!
– أو أن الشريك الجنسي نظيف ولا يبدو عليه –ظاهريًا- أنه حامل لأي عدوى جنسية!
– أو أن الواقي الذكري تمزق عن دون قصد فلا بأس من استكمال العلاقة الحميمة بدونه!
– أو أن يقول لك أحدهم: سيبها على الله، الأمراض دي قضاء الله وقدره!
– أو أن يحتد مدافعًا بالقول أن العلاقة بيني وبين شريكي الجنسي (حصرية)، وقد وعدني بألا يمارس الجنس مع شخص آخر!
ولكن ما خَبرناه من الواقع هو أن كثيرًا من تلك العَلاقات (الحصرية) عند انكسارها ووصولها لخط النهاية فعادة ما يكون سبب الانفصال هو اكتشاف أحد الشريكين – صدفةً – خيانة الآخر له، وعِلمَهُ مؤخرًا بتلك الخيانة!
– الواقي الذكري أهم من ملابسك الداخلية
بعض
الأشخاص يفضلون ممارسة الجنس بمنازلهم وفي فراشهم الشخصي، واحتمالية أن
يمارسوا الجنس خارج منازلهم تكاد تكون معدومة، ولهؤلاء فعليكم أن تتأكدوا
دوما من وجود أكثر من واق ذكري بقرب فراشكم.
أما
إذا كنت من الأشخاص النشطين جنسيًا، وتعلم عن نفسك أنك قد تمارس الجنس
خارج المنزل فلابد وأن يكون رفيقك الدائم هو الواقي الذكري، بجوار بطاقتك
الشخصية، ويُفضل أن لا تضعه بجيب بنطالك الخلفي حتى لا يتمزق غلافه عند
الجلوس، وتذكر أن يكون معك أكثر من واقٍ ذكري فإذا تمزق واحدًا أنجدك
الآخر.
– إجراء التحليل هو الخبر اليقين
في
حال أنك كان لك تاريخ جنسي قديم فلا بديل عن الذهاب لأقرب معمل تحاليل
طبية موثوق للتأكد من خُلوّكَ من الإصابة، فلن يُغنيك تصفح بعض الصفحات
الطبية على الإنترنت عن أعراض الإصابة بفيروس HIV فجميع الدراسات تُشير إلى
أن الأعراض يتفاوت ظهورها وشدتها من شخص لآخر، وبما أن أعراض الإصابة
بالفيروس مشابهة لدرجة كبيرة لأعراض الإصابة بفيروس الأنفلونزا فحسم الأمر
وبيانه هو بالذهاب لأقرب معمل تحليل للإطمئنان على وضعك الصحي.
أنا لازلت طالب صغير بالعمر ولا أتحمل تكلفة إجراء التحليل!
وإن
كانت تكلفة إجراء التحليل (المبدئي) بالمعامل الخاصة غير باهظة الثمن
فلديك بديل آخر، وهو أن كثير من الجمعيات الأهلية المهتمة بالتوعية الصحية
تقوم بإجراء التحليل بشكل مجاني، وحتى الحكومة المصرية توفر لك من خلال
وَزارة الصحة إمكانية إجراء التحليل مجانا بعدة فروع على مستوى الجمهورية
وبداخل القاهرة فـ (مستشفى العباسية للحُميات) –بالقرب من ميدان العباسية-
تتيح لك إجراء التحليل بشكل مجاني طوال أيام الأسبوع باستثناء يوميّ الجمعة
والسبت بَدئًا من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الواحدة ونصف ظهرًا، مع
الحفاظ على سرية بيانات المواطنين. وعادة ما يكون استلام نتائج التحليل في
غضون عشرون يومًا، نُظرًا للضغط عليهم، ولدقة إجراء التحاليل لديهم بما
فيها تحديد نسبة الفيرس في الدم وتحديد عدد الخلايا المناعية في حالة
الإصابة، على عكس التحاليل التي تقوم بها الجمعيات الأهلية فهي تحاليل أشبه
باختبار الكشف عن الحمل، تُخبرك بأن كنت مُصاب من عدمه وفقط.
يوم استلام نتيجة التحليل
إما يوافيك الحظ بأن تكون نتيجة التحليل سلبية، وتكون تأكدت من عدم إصابتك، وفي تلك الحالة عليك مُهمتين:
- أن تستمر على مبدأك بعدم التخلي عن ارتداء الواقي الذكري تحت أي ظرف كان.
- أن يكون لك دور توعوي وسط أقرانك وأصدقائك وتنصحهم بأهمية إجراء التحليل وتخبرهم بتجربتك.
وإما
أن تكون نتيجة التحاليل إيجابية وحينها ستواجه خبرة حياتية جديدة من
نوعها، وصادمة لك نوعًا ما حينما يخبرك الشخص المسؤول أنك مصاب بالفيروس،
وفي تلك الحالة سيوافيك بشكل دقيق عن نسبة الفيرس في دمك وعن نسبة الخلايا
المناعية وسيعرض عليك إمكانية علاجك على نفقة الدولة بشكل مجاني، وسيطمئنك
إلى سرية وضع بياناتك الشخصية، وأنك ستستلم علاجك بشكل شهري من الصيدلية
الموجودة بداخل المستشفى.
بس أنا خايف عشان هاياخدوا بياناتي الشخصية!
هذا
مجرد إجراء تتبعه وزارة الصحة لضمان عدم وصول الدواء لمن لا يستحقه،
ولضمان عدم بيعه في السوق السوداء، خاصة وأن تكلفة العلاج من الفيرس تكون
باهظة الثمن وليست في متناول المواطن متوسط الدخل في حالة عدم دعمها من
الحكومة، والكثير من الأشخاص المتعايشين مع الفيروس يصرفون علاجهم شهريًا
من منفذ المستشفى ولم يحدث انتهاك لحياتهم الخاصة أو لسرية بياناتهم.
الصورة المجتمعية المغلوطة عن المتعايش مع الفيرس
معظم
المتعايشين مع الفيروس لا يفصحون عن شخصياتهم خوفًا من الوصم الاجتماعي،
ونُظرًا لأن المجتمع لا يتعرف على متعايشين بشكل علني، فهذا يتسبب في ترسيخ
صورة نمطية مغلوطة عن الشخص المُصاب أو المتعايش مع الفيروس، وعادة ما
تكون خلاصة هذه الصورة أنه شخص نحيل، مريض، مُتهالك القوى، على مشارف
الموت، ويُشكل خطر على البيئة المحيطة به، ويتم تلخيص كل ذلك في الوصف
المُهين (مِأدِز)، ولنكن صُرحاء فجزء كبير من تشكيل هذه الصورة المجتمعية
المغلوطة تقع مسؤوليته على عاتق المتعايشين أنفسهم، فهم يرفضون تماما
الإفصاح لأصدقائهم أو لأسرتهم عن طبيعة وضعهم الصحي خوفًا من الأحكام
المسبقة أو النبذ.
لكن حقيقة الأمر هي
أن الشخص المتعايش مع الفيرس هو شخص عادي تمام ولا يظهر عليه أي أعراض
معينة قد تشير إلى أنه مريض، بل وكثيرين منهم لديهم أجسام جيدة ومنتظمين في
الذهاب للجيم، ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي جدًا وكثير منهم متزوجين ولديهم
أبناء، وقد يكون منهم جارك أو صديقك أو زميلك بالعمل ولكنك لا تعلم.
الوصم الإجتماعي
كثيرًا
ما نردد كلمة (وصم) دون أن نعي معناها على وجه دقيق، ويتسبب جهلنا بالمعنى
في استمرارية ممارسة الوصم ليس على الآخرين فقط، بل وعلى أنفسنا أيضًا.
طبقًا للمعجم العربي فحينما نقول: (فلان وصمَ فلان) أي عابه أو لطخه بقبيح أو أنقص من قدره، وكثيرين من يرون أن المجتمع يمارس الوصم على الأفراد، ولكن هل الافراد يمارسون هذا الوصم على أنفسهم؟
في
الواقع فالكتمان هو نوع من الوصم المُمَارس على الذات، فمن يخفي أمرًا ما
ويخشى أن يعلمه الآخرون ففي هذا إقرار منه بأن هناك أمر غير مُشرف لا ينبغي
أن يعلمه الآخرون عنه، وبكتمانه فهو يحافظ على إخفاء هذا العار خوفًا من
أن يعلمه الأهل أو الأقران أو أصدقاء العمل.
وعلى
النقيض ففي حال اقتناعك بأنك لم ترتكب جرمًا ما أو عيبًا ما، فلن تلق
بالًا لرأي الآخرين في قرارتك الشخصية وشئون حياتك، إذن فنظرة المجتمع لنا
هي انعكاس لنظرتنا لأنفسنا.
لتوضيح
الأمر بمثلٍ من الواقع فكثير من المثليين يطالبون المجتمع بمساواتهم مع
الغيريين، وهنا يأتي سؤال يفرض نفسه.. هل المثلي يعامل نفسه بمساواة مع
الغيري قبل أن يطالب المجتمع بتلك المساواة؟ غيري الجنس (الهيتروسيكشوال)
إن أحب فهو يعلن حبه بدون خوف، وإن قرر الارتباط فهو يعلن ارتباطه بدون خجل
لأنه متيقن من أنه لا يأتي أمرًا مشينًا، ولكن إذا سألت شخص مثلي لماذا
تتكتم على مثليتك فسيكون رده بأن هذا أمر شخصي وليس لأحد أن يعلم ماذا أفعل
في فراشي! إذن فلماذا نعلم جميعًا ما يفعله الشخص الغيري في فراشه ونخشى
أن يعلم المجتمع بما تفعله أنت في فراشك؟!
أين المساواة في ذلك؟!
المثال
السابق كان توضيحًا لفكرة الوصم الممارَس على الذات فأنت تشعر بأن المجتمع
لن يتقبلك لأنك تفعل أمرًا مرفوض –في عرف المجتمع- أو لأنك تحمل في جعبتك
ما قد يدينك فتُؤثر الكتمان على العلانية.
بالمثل
الشخص المتعايش مع فيروس HIV يلوم على المجتمع أنه لن يتقبله ولكن هل أنت
يا سيدي تقبلت نفسك أولًا؟! هل تصالحت مع فكرة أنك متعايش مع الفيروس؟ أنت
تنظر لنفسك بإدانة وتعامل نفسك بقسوة، وتنتظر من الآخر أن يحنو عليك!
أنت لم ترتكب جُرمًا، أنت مواطن متعايش مع مرض مثله مثل أي مرض مزمن، ومن منّا منيع ضد المرض!
إن كنت تأمل بمجتمع واعي فلتبدأ بإشعال شرارة الوعي، لا تنتظر نزول مائدة من السماء.
إن كنت تريد أن يتعامل المجتمع مع فيروس نقص المناعة المكتسب كفيروس الأنفلونزا أو فيرس سي فتعامل أنت مع نفسك بمثل هذه المساواة، لا نخشى الاعتراف بإصابتنا بالسرطان أو بفيروس سي فلماذا نخشى الاعتراف بإصابتنا بفيروس نقص المناعة المُكتسب!
لن يتقبلك الآخر بينما أنت لازلت رافضًا لنفسك.. تعلم أن تتقبل نفسك أولًا
إن كنت تريد أن يتعامل المجتمع مع فيروس نقص المناعة المكتسب كفيروس الأنفلونزا أو فيرس سي فتعامل أنت مع نفسك بمثل هذه المساواة، لا نخشى الاعتراف بإصابتنا بالسرطان أو بفيروس سي فلماذا نخشى الاعتراف بإصابتنا بفيروس نقص المناعة المُكتسب!
لن يتقبلك الآخر بينما أنت لازلت رافضًا لنفسك.. تعلم أن تتقبل نفسك أولًا
الحق في الخصوصية
رغم
ماذكرناه سابقًا فأنت كمواطن يكفل لك القانون حقك في خصوصية امور حياتك
وعدم إفشائها بدون رغبة منك، حتى طبيبك الخاص فهو مُلزم قانونًا بعدم إفشاء
معلوماتك الصحية لأي جهة، ويكفل لك القانون حقك في رفض الخضوع لإجراء أية
تحاليل دون إذنك بشكل شخصي أو دون إذن وليك في حالة مرضك.
ولكن
يجب أن تعلم أيضًا أن القانون يكفل حق السلامة الشخصية للافراد المقبلين
على الزواج ففي حالة علم الزوجة بمرض زوجها بأحد الأراض المزمنة أن تطلب
الطلاق للضرر.
وترجع أهمية مصارحة
الشريك الجنسي بالوضع الصحي هو أن بعض الدول المتقدمة أدرجت بعض العقوبات
التي تصل لعدة سنوات من السجن في حالة ثبوت أن الزوج أو الشريك الجنسي قام
بممارسة الجنس الغير آمن وهو مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب، وسيتم توضيح
ذلك في مقالات قادمة.
قد يتبادر إلى
ذهنك تساؤل وهو: في حالة علمي بأن أحد الأشخاص متعايش مع فيروس HIV فهل من
حقي إخبار الآخرين لتحذيرهم حتى يكونوا بمأمن منه؟
قانونًا
ليس لأي فرد أو أي مواطن الحق في إفشاء أي معلومات صحية متعلقة بمواطن آخر
بدون إذن منه وبدون رغبته الشخصية، حتى لو بدعوى تحذير الآخرين منه، فهذا
يندرج تحت التشهير واختراق خصوصيات الآخرين، ولكن دورك كمواطن يقتصر على
توعية دوائرك الاجتماعية بأهمية الجنس الآمن وطرق ممارسته.
– أسباب انتقال الفيروس
في
الحقيقة أتبعنا هذه الفقرة بفقرة (الحق في الخصوصية) لأنه في حال أنك
متعايش مع فيروس HIV فليس من حق أي أحد أن يسألك عن سبب انتقال الإصابة
إليك، ولك الحق في أن ترفض الإجابة، إلا في حلة أنك كنت تتابع مع طبيب خاص
فمن المهم أن يكون على علم بطبيعة حياتك الصحية حتى يراجع معك التفاعلات
الدوائية و احتياطات السلامة الشخصية.
وبشكل
عام فأسباب الإصابة عالميًا تكاد تكون محددة إما من خلال ممارسة الجنس
الغير آمن (للمغايرين، والمثليين)، أو تعاصي المواد المخدرة من خلال الحقن،
خصوصًا في حال الاشتراك في أداة الحقن واحدة بين أكثر من مستخدم، أو ينتقل
الفيروس للمولود في حالة إصابة الأم، أو يبنتقل بواسطة نقل الدم من شخص
لآخر.
وكما ذكرنا فمن حقك ألا تخبر أحد، وألا يسألك أحد عن سبب الإصابة، وأنت فقط من تقرر إخبار الآخرين من عدمه.